قُتل أمس أكثر من 220 شخصاً في «الأربعاء الأسود» الذي شهدته السويداء جنوب سورية، بعد هجوم واسع تخللته عمليات انتحارية، وتبناه تنظيم «داعش» الإرهابي، وهي حصيلة مرشحة للارتفاع، لكنها الأكبر في محافظة بقيت الى حد كبير بمنأى من النزاع الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات.
ويسيطر النظام السوري على كل السويداء ذات الغالبية الدرزية، فيما يقتصر وجود «داعش» على منطقة صحراوية عند أطراف المحافظة الشمالية الشرقية، ينطلق منها أفراد التنظيم بين الحين والآخر في هجمات ضد قوات النظام.
وجاء الهجوم «المركب» ليجمع بين هجمات نفذها انتحاريون واشتباكات بالأسلحة، وتفجير عبوات ناسفة، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن أن التنظيم تمكن من احتجاز سكان من المدينة. وأعقب الهجوم تعرُض فصيل موال لـ «داعش» قبل أيام لهجوم عنيف شنته قوات النظام وحلفاؤه الروس في آخر جيب يتحصن فيه في منطقة حوض اليرموك المحاذية للسويداء، والمتاخمة للحدود مع الجولان المحتل والأردن.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إنها «الحصيلة الدموية الأكبر في السويداء منذ اندلاع النزاع» عام 2011، كما تُعد بين الأكبر في سورية نتيجة هجمات التنظيم.
وارتفعت حصيلة قتلى الهجوم تدريجياً، إذ وثق المرصد السوري صباحاً مقتل 32 شخصاً، قبل أن تصل إلى 156، ثم 183، ولاحقاً 220 مع اكتشاف المزيد من جثث القتلى في القرى المستهدفة في ريف المحافظة الشرقي. وأوضح المرصد أن القتلى هم 89 مدنياً والباقون من المقاتلين الموالين للنظام، وغالبيتهم من «السكان المحليين الذين حملوا السلاح دفاعاً عن قراهم». وقال إن عناصر التنظيم المتطرف هاجمت قرى و»قتلت بعض السكان في منازلهم». وأسفرت الهجمات أيضاً عن إصابة العشرات.
وقال عمر، أحد سكان مدينة السويداء، لوكالة «فرانس برس»: «إنه يوم صعب على السويداء لم تشهد له مثيلاً بتاريخها»، مشيراً إلى أن أحد الشوارع المستهدفة عادة ما يشهد اكتظاظاً عند ساعات الصباح الأولى مع وصول «مزارعين يأتون لتسويق منتجاتهم».
وتمكن التنظيم المتطرف صباحاً، وفق المرصد، من السيطرة على ثلاث قرى من أصل سبع خلال الهجوم، قبل أن تشن قوات النظام هجوماً مضاداً. وبعد ساعات من الاشتباكات والقصف، تصدّت قوات النظام للهجوم، وأجبرته على التراجع إلى البادية.
ونددت وزارة الخارجية الروسية بـ»أعمال العنف الجماعية ضد السكان المسالمين» في السويداء، كما دان منسق الشؤون الانسانية المقيم للأمم المتحدة في سورية علي الزعتري في بيان «الهجمات التي تستهدف المدنيين في انحاء سورية، وآخرها التفجير الإرهابي في السويداء».
جنبلاط يتهم النظام
وقال رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط تعليقاً على تفجيرات مدينة السويداء، إن السؤال الذي يطرح نفسه هو: «كيف وصلت وبهذه السرعة تلك المجموعات الداعشية إلى السويداء ومحيطها، وقامت بجرائمها، قبل أن ينتفض أهل الكرامة للدفاع عن الأرض والعرض؟». وأضاف في تغريدات عبر «تويتر»: «أليس النظام الباسل الذي ادّعى، بعد معركة الغوطة، أنه لم يعد هناك من خطر داعشي؟ إلّا إذا كان المطلوب الانتقام من مشايخ الكرامة». وتابع: «ما هي جريمة مشايخ الكرامة سوى رفض التطوع بالجيش لمقاتلة اهلهم، أبناء الشعب السوري»، مستغرباً «حماسة الشيخ طريف في فلسطين للدفاع عن دروز سورية، وتجاهله المطلق قانون التهويد الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي». وختم: «على أي حال، لا فرق بين البعث الأسدي وصهيونية نتانياهو».
كما طرح «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط الأسئلة نفسها، قائلاً: «من هنا لا بد من أن تقوم روسيا بحماية الدروز العرب الشرفاء من مكائد النظام وداعش على السواء».
وفي عمان، اكد وزير الخارجية الاردني أيمن الصفدي خلال استقباله المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي بريت ماكغورك، اهمية التوصل الى «حل سياسي» في سورية من اجل القضاء على «داعش» والحؤول من دون عودته. وقال بيان صادر عن الخارجية الاردنية ان الصفدي وماكغورك بحثا في «التطورات في الأزمة السورية، خصوصاً في الجنوب السوري، والتحركات الدولية المستهدفة للتوصل الى حل سياسي للأزمة».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان فرض عقوبات على خمسة كيانات وثمانية أفراد لهم صلة ببرنامج سورية للأسلحة الكيماوية. وذكرت أن الكيانات والأفراد المستهدفين لعبوا دورا مهما ضمن شبكة توريد معدات إلكترونية للوكالة السورية التي تطور الأسلحة.
وقالت وكيلة وزارة الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب سيغال ماندلكر: «استخدام سورية المروع للأسلحة الكيماوية، بما في ذلك في هجمات على نساء وأطفال أبرياء، لا يزال حاضراً بقوة في أذهاننا… اليوم نواصل حملتنا لوقف الهجمات الوحشية التي ينفذها نظام (الرئيس بشار) الأسد باستهداف شبكات التوريد التي تدعم برنامجه للأسلحة الكيماوية».