القس جوزيف إيليا
أنامُ
وأصحو
ولا شيءَ عندي جديدْ
وقد ملَّ منّيْ السّريرُ القديمُ
فأنهضُ عنهُ
وأمشي ثقيلَ الخُطى منهَكًا
كسجينٍ برجليه قيدُ حديدْ
وأسمعُ أنّاتِ أمّي هناك بغرفتِها
تشتكي وتصلّي
لكي يرفعَ الرّبُّ عنها حصارَ سقامٍ شديدٍ عنيدْ
وأسألُ :
– كيف
لماذا
ألا تستحي أيّها السُّقْمُ
أن تجلدَ الأمّهاتِ بسوطِكَ .. ؟
تبّتْ يداكَ
ولا كنتَ يا فاقدَ القلبِ
ليتكَ غبتَ ومتَّ شريدْ .
وأرحلُ في لغةِ الأمسِ
أقرأُ سِفْرَ أساطيرِ قوميْ القدامى
لأنسى انكسارَ غدي
ولأكتمَ صوتَ رياحِ عصورِ الجليدْ .
وأكتبُ في دفتري ما أحبُّ من النّثر والشِّعر
ثمّ أمزّقُ ما قد كتبتُ
وأهمسُ :
– يبدو بأنّي غدوتُ كمانًا عجوزًا عقيمًا بليدْ
وإلّا فأين حروفٌ سقتني طويلًا حليبَ المعاني نقيًّا شهيًّا
وكانت معي دائمًا كفراشاتِ ضوءٍ
تريني عوالمَ حُسْنٍ
وتُسمعُني من شفاه السّماء نشيدْ .. ؟
تقولُ ابنتي ليْ :
– ألا تشربُ الشّايَ معْنا
كما كنتَ تشربُه منذ عهدٍ بعيدْ
وتحكي لنا قصصًا عن ضياء ملوكٍ تواروا
وعن عتْمِ ليلِ العبيدْ .. ؟
أقولُ :
دعيني لصمتي
فإنّي أراهُ صديقيْ الوحيدْ
ولا تقنطي
واخرجي من كهوفي
ولا تنظري للوراء
وصيري حمامةَ فجرٍ لآتٍ سعيدْ
فنحن ابنتي لم نعدْ نحن
شاخت سحائبُنا
فأضعنا بلادًا
وخنّا رؤًى
وقتلنا عصافيرَ بهجتِنا
وحرقنا سنابلَ وعيٍ وليدْ
وعدنا لجوف الصّحارى
لنمضغَ رملًا
ونلبسَ شوكًا
ونطردَ من أرضِنا كلَّ عيدْ .
أقول
وأبقى أنامُ وأصحو
وأجري
وأجلسُ
لا شيءَ يسعدُني
لا غناءُ ملائكةٍ عند بابي
ولا رقصُ ” إبليسَ ” فوق فراشي
وإنّي بسيفي أراني أدمّرُ أحشاءَ حقلي
وأقطعُ رأسَ اتّزاني
وأمضي
لأفعلَ ما لا أريدْ .
—————————-
القس جوزيف إيليا
١٠ – ٧ – ٢٠١٨